مهندس أ. إدريس آيم
ذكريات رمضان شهر الرحمة، والغفران، والعتق من النيران في وطنا الحبيب إرتريا .
ومن الذكريات التي استحضرها، أنه بعد منتصف شهر شعبان كان الناس يتهيؤون لاستقبال هذا الشهر الكريم، إذ نجد الكبار والصغار يتحدثون عن قدوم ضيف عزيز في كل مجالسهم، وكان أئمة المساجد يركزون في خطب الجمعة عن فضل صيام الشهر الفضيل وقيامه وفضائله .
باختصار أجواء رمضان كانت تبدأ من بعد النصف الاول لشهر شعبان الفضيل، وكانت بعض الأطباق الشهية مرتبطة بهذا الشهر الفضيل مثل السمبوسة، وشربة الشعير، والمشبك .
حتى المسيحيون من أبناء إرتريا أيضا كانوا يفرحون بقدوم رمضان ليتذوقوا أيضا ًا الأطعمة والمشروبات التي كانت تفضل معظم الأسر إعدادها في البيوت مع توفرها في السوق لمن يرغب في شرائها فضلًا عن الأطباق الشهية. فكانت هناك الحلبة ولقمة القاضي والطعمية ورقاق السمبوسة المحشوة باللحم المفروم المخلوط بالبصل الأخضر والفلفل الرومي والكركم والفلفل الأسود وغيرها . وكان الناس يبدأون بشراء الشعير وتقوم النساء بغسله وتنظيفه وتكسيره وخزنه حتى قدوم رمضان .
في العشرة الأخيرة من شهر شعبان كان يشرب الكبار سنو ( سنة مكة ) والصغار زيت الخروع ، وكان يفضل أن يكون الجو مشمسا أو تكون هنا إجازة مثل يوم الأحد فتجتمع كل عائلة وتعمل على القيام بذلك، وفي هذاليوم ممنوع تناول وجبة الإفطار وشرب الماء، حيث تقدم المشروبات الساخنة الشاي والقشر ومرقة اللحم
( برودو اوسليقة ) وبعد شرب الدواء تكون الحلاوة جاهزة ( كراميلو ) حتى تقضي السنو أو زيت الخروع الغير محبب لدى الصغار والكبار.
وعند ثبوت رؤية هلال شهر رمضان ينادي المؤذن ويعلن بأن غدا هو الأول من رمضان، ويبدأ الناس بتقديم التبريكات والتهاني بقدوم الشهر المبارك والفرح والسرور يبديان في وجوه الناس، وبعد أداء صلاة العشاء تقام صلاة التراويح. وبعد صلاة التراويح تذهب الناس لكي تنام وتستعد للصيام، فالناس لا تذهب إلى المقاهي ولجلسات السهر أو مشاهدت المسلسلات كما هو موجود للأسف في معظم الدول العربية، وبعد منتصف الليل أي قبل الفجر يتم تناول السحور عادة تكون وجبة العصيدة بالسمن الحبابي والزبادي أو فتة قجة أيضا بالزبادي .
اليوم الأول من شهر رمضان الناس تستيقظ من النوم مبكراً كالعادة وتزاول أعمالها،
أما ربة المنزل فيقع عليها العبء الأكثر في إعداد وتجهيز وجبة الإفطار ، ربة المنزل ومعها إحدى بناتها البكر أو معها عاملة المنزل تبدأ بإعداد الطعام بعد صلاة الظهر أولا تقوم بإعداد رقاق السمبوسة والانجيرا ثم طبخ الطبيخ، عادة ما يكون طبيخ بطاطس باللحم أو البامية باللحمة أو القرعة ( الدبة ) باللحمة، وبعدها يتم إعداد الشربة وأخير يتم قلي السمبوسة في الزيت، عندما يؤذن أذان المغرب إيذانا بوقت الإفطار يكون على سفرة الطعام التمر، والماء والسمبوسة، عادة الجميع يتناول شربة الشعير والعصائر مثل عصير الليمون والبرتقال، ثم تقوم الناس إلى الصلاة المغرب، وعقب الصلاة يردد المصلون ( أشهد أن ألا إله إلا الله أستغفر الله نسألك الجنة ونعوذ بك من النار اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنا ) والصلاة والسلام على رسول الله، والناس تدعوا الله ويتضرعون إليه أن يتقبل منهم صيامهم وقيامهم، وبعدها يتم تناول المشروبات الساخنة مثل الشاي والقشر في جلسة حب وإخاء، تتخللها النكات والضحك، وبعدها يتم تناول العشاء، وبعد دقائق معدودة يؤذن المؤذن معلنا بدخول صلاة العشاء.
هكذا كانت الحياة بسيطة وكان لها طعم خاص.
مقتبسات من كتاب تاريخ مدينة قندع الخضراء